قصة سيدنا آدم عليه السلام
قصة سيدنا آدم عليه السلام
في زمن غابر لا يعلمه إلا الله، خلق المولى تبارك و تعالى السموات و الأرض، ثم جمع ملائكته و أخبرهم بخبر عظيم، إنه خبر خلق خليفة على هذه الأرض يخلف بعضه بعضا، فتساءلت الملائكة تساؤل استفهام لا اعتراض على أمر الله.... فقال تعالى وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ .....(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
و كرّم الله تعالى سيدنا آدم بأن سواه ثم نفخ فيه من روحه، ثم علّمه الأسماء كلها، و من العلماء من قالوا أن الله تعالى علم سيدنا آدم أسماء الدواب و الشجر و البحر و السهل و غيرها ، و قال آخرون بل علمه أسماء ذريته من بعده، ثم عرض هذه الأشياء على الملائكة فلم يعرفوها، فلما عرضها على سيدنا آدم عليه السلام عرفها كلها، فأدركت الملائكة أن تساؤلها لم يكن في محله ، ذلك أن علم الله تعالى واسع عظيم.
(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ،قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ،قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )
ثم جمع الله تعالى الملائكة و إبليس و أمرهم بالسجود لسيدنا آدم تكريما و تعظيما لخلق الله تعالى، فأما الملائكة فسجدوا امتثالا لأمر الله تعالى فهم لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون، لكن إبليس أبى و استكبر و قال كيف لي أن أسجد لمن خلق من طين و أنا خلقت من نار فأنا خير منه، و هكذا عصى أمر الله تعالى فاستحق الطرد من رحمة الله و اللعنة إلى يوم الدين.
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )
اغتاظ إبليس مما حدث له، و رأى بأن سبب ذلك كله هو سيدنا آدم عليه السلام فقرر أن يغوي سيدنا آدم و يجعله يعصي الله تعالى كما عصاه هو حتى يطرد من رحمته كما طرد هو. و لكن كيف له أن يحقق ذلك؟
أمر الله تبارك و تعالى سيدنا آدم بأن يسكن و أمنا حواء الجنة، و أن يتنعما بنعيمها و يأكلا منها حيثما أرادا، إلا شجرة واحده نهاهما عنها بل و عن الاقتراب منها (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) ، فوجد الشيطان الرجيم الفرصة سانحة له و قال: لو أنني استطعت أن أجعل آدم يأكل منها فيعصي أمر الله، فذهب إلى سيدنا آدم عليه السلام، و جعل يزين له أمر تلك الشجرة بل و قال له: إنها شجرة الخلد، الشجرة التي تجعل تحيي في هذا النعيم إلى الأبد، و هكذا غوى الشيطان سيدنا آدم فمد يده إلى الشجرة و ما إن أكل منها هو و زوجه حتى ظهرت عورتيهما، فجعلا يغطيانها بورقف الجنة استحياء و طلبا للستر.
ندم سيدنا آدم عليه السلام ندما شديدا على ما اقترف في جنب الله، فقد عصى ربه و بدل أن يتنعم بما أتيح له راح يطلب ما نهي عنه، لكن ندمه هذا كان سببا في رحمة الله تعالى به فعلّمه كلما يقولها حتى يتوب عليه ، فلما ذكرها سيدنا آدم قبل الله تعالى توبته ثم أمره بأن يهبط إلى الأرض هو و أمنا حواء، و أنجبا ذرية يخلف بعضها بعضا إلى أن تقوم الساعة.(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ )
لكن إبليس اللعين لم يستسلم بعد أن فشل في طرد سيدنا آدم من رحمة الله ، بل عزم على إغواء ذريته بشتى السبل و الوسائل، و لكي يحذرنا الله تعالى من شر هذا اللعين قص علينا في القرآن الكريم قصة سيدنا آدم عليه السلام، كي تكون عبرة لنا أجمعين، فنبتعد من خطوات الشيطان الرجيم كي نفوز بجنة النعيم.
*الآيات بالترتيب من 30 إلى 36، سورة البقرة.